مدينة الناصرة و قراها
مدينة الناصرة و قراها
كان قضاء الناصرة، في أواخر العهد العثماني. يعد واحداً من الأقضية الأربعة
التي كانت تتألف منها «متصرفية عكا» أو «لواء عكا»، احدى متصرفيات ولاية بيروت.
كان هذا القضاء يضم في عام 1322هـ: 1904م 25 قرية هي: صفُّوريه، طرعان، كفرمنده، البعينة، كوكب، المشهد، رمانة، عزير، إكمال، دبروية، عين ماهل، كفر كنّا، الزينة، يافا، المجيدل، معلول، عيلوط، إزبوبا، جنجار، خنيفس، جباتا، فوله، عفولة، سمونية، وتل الطور (جبل الطور). وهذه الأخيرة هي مستعمرة «كفار تابور» اليهودية.
وفي عام 1910م، 1328هـ كان يضم 38 قرية ومزرعة.
وفي أواخر الحكم البريطاني الكئيب كانت الناصرة قاعدة للواء الجليل الذي ضم أقضية عكا وبيسان وصفد وطبرية والناصرة.
يقع قضاء الناصرة بين اقضية عكا وحيفا وطبرية وجنين وبيسان.
ضم قضاء الناصرة في أواخر العهد البريطاني اللعين مدينة واحدة وهي الناصرة و23 قرية وعشيرة واحدة. وهذه القرى هي: إكمال، إندور، البعينة، تمرة، دبُّوريه، الدحي، رمانة، الرينة، سولم، صفورية، طرعان، العزير، عيلوط، عين ماهل، كفر كنّا، كفر منده، كوكب، المجيدل، ألمشهد، معلول، ناعورة، نين، يافا وعشيرة الصبيح.دمر الأعداء منها قرى صفورية، ومعلول، وإندور، والمجيدل.
وهناك عشائر أخرى قليلة تقيم في قضاء الناصرة وهي: الحجيرات، والمزاريب، والسيارجة، والجواميس، والغزالين، والحجاجرة، والهيب، والخريفات، والمجيدت.
مساحة القضاء:
بلغت مساحة قضاء الناصرة في 1 ـ 4 ـ 1945 (533ر497 كم2) منها 752ر8 كم2 للطرق والوديان والسكك الحديدية و382ر137 كم2 من أملاك اليهود أي بنسبة 6ر27 بالمائة من مجموع مساحة القضاء.
وها هي القرى الخمس الأولى في كبرها في القضاء: ـ أحصاءات عام 1945 ـ
(1) يافا: ومساحتها 150 دونماً.
(2) الرينة: ومساحتها 139 دونماً.
(3) صفورية: ومساحتها 102 دونمات.
(4) دبُّوريه: ومساحتها 65 دونماً.
(5) كفر كنّا: ومساحتها 61 دونماً.
وأما القرى الخمس الآتية فهي أصغر قرى القضاء:
(1) رمانة: ومساحتها 5 دونمات.
(2) تمرة: ومساحتها 6 دونمات.
(3) العزير: ومساحتها 7 دونمات.
(4) و(5) كوكب والدحي: مساحة كل منها 10 دونمات.
والقرى الخمس الآتية أولى قرى القضاء فيما تملكه من الأراضي:ـ احصاءات عام 1945 ـ
(1) صفورية: ولها 55378 دونماً.
(2) طرعان: ولها 29743 دونماً.
(3) كفر كنا: ولها 19455 دونماً.
(4) المجيدل: ولها 18838 دونماً.
(5) كوكب: ولها 18674 دونماً.
سكان القضاء:
بلغ عددهم في عام 1322هـ: 1904م 16865 نسمة، ينقسمون كما يلي:
وقد بلغت المواليد في تلك السنة 421 مولوداً والوفيات 487. كما بلغ عدد عقود الأنكحة 163 عقدا.
وفي عام 1931م ارتفع عدد السكان إلى 592ر28 نسمة ينقسمون إلى ما يأتي:
(5) وفي 1 ـ 4 ـ 1945 ضم قضاء الناصرة 46100 نسمة يوزعون إلى:
المسلمون: 27460
المسيحيون: 11040
اليهود: 7600 اي بنسبة 4ر16 بالمئة من مجموع السكان
المجموع: 46100 يصيب الكيلومتر المربع الواحد 4ر92 نسمة
وها هي القرى الخمس الأولى بكثرة سكانها في قضاء الناصرة: حسب تعدادها في 1 ـ 4 ـ 1954:
(1) صفورية: بها 4330 عربياً. بينهم عشرة من المسيحيين والباقي من المسلمين.
(2) كفر كنّا: بها 1930 عربياً، بينهم 610 من المسيحيين والباقي من المسلمين.
(3) المجدل: بها 1900 عربي. بينهم 260 من المسيحيين والباقي من المسلمين.
(4) طُرعان: بها 1350 عربياً. بينهم 430 من المسيحيين والباقي من المسلمين.
(5) عرب الصبيح: بها 1320 عربياً. وجميعهم من المسلمين.
وها هي القرى الخمس الأقل سكاناً في القضاء ـ أحصاءات 1 ـ 4 ـ 1945:
(1) الدحي: وبها 110 نسمة.
(2) العُزير: وبها 150 نسمة.
(3) تمرة: وبها 160 نسمة.
(4) نين: وبها 270 نسمة.
(5) ناعورة: وبها 340 نسمة.
***
إن مياه الأمطار المتساقطة على مختلف بقاع القضاء تنتهي اما في نهري المقطع والنعامين اللذين يصبان في البحر الأبيض المتوسط أو في وادي البيرة ونهر جالود اللذين ينتهيان في نهر الأردن.
ومن هذه الأودية الشتوية (وادي الشرار); ويبدأ من غرب جبل الطور ويشق طريقه منحدراً في سفحه الجنوبي الشرقي. وينضم اليه في انحداره هذا واد آخر هابطاً من «خان التجار» على الجانب الشرقي لجبل الطور (طابور). وينحدر هذا الوادي المتحد بهوة عميقة حادة إلى أن ينضم إلى «وادي البيرة» المنتهي في نهر الأردن في الجنوب من جسر المجامع.
والمعروف ان وادي الشرار كان في القرن الماضي الحد الفاصل بين عرب الصقور وعرب الصبيح.
--------------------------------------------------------------------------------
جبال الناصرة... اولا جبل تابور
(1) جبل تابور (1930 قدماً: 588 متراً)
بمعنى «مرتفع» ويسمى الآن «جبل الطور». يقع في الشرق من مرج بني عامر وفي ظاهر قرية «دبورية» التي أقيمت عند سفحه الغربي. يبعد نحو 9 كم للجنوب الشرقي من الناصرة و19 كم للجنوب الغربي من بحيرة طبرية. وهو جبل منفرد عن بقية جبال الجليل. يعلو 588 متراً عن سطح البحر و420 متراً عن المرج. قمته مدورة طولها أقل من نصف كيلومتر وعرضها نحو خمسة. ومناظرها من أجمل ما تقع عليه العين في فلسطين الشمالية. فيظهر منها جبل الشيخ وجبال شرقي الأردن الشمالية وبحيرة طبرية ومرج بني عامر والكرمل والبحر الأبيض المتوسط. وجوانبه مكسوة بشجر السنديان والبطم والجوز وغيرها. وتربته مخصبة توافق المرعى.
وفي العهد الروماني كانت تقوم قرية «إتيا بيريوم ـ Itabyrium» الحصينة على الطور.
تشير بعض التقاليد المسيحية إلى أن السيد المسيح عليه السلام تجلّى على هذا الجبل لطائفة من تلاميذه وغيرهم. وبالنسبة إلى هذا الإعتقاد أُقيمت عليه عدة كنائس منذ القرون الأولى للمسيحية. وقبل نهاية القرن السادس بنيت عليه ثلاث كنائس. وأشاد أركولف مطران بلاد الغال، في أواخر القرن السابع للميلاد بأزهار جبل الطور. وفي أوائل العهد العباسي كان على (طابور) أربع كنائس وفي القرن الثاني عشر شيد الفرنجة فوقه حصناً ورمموا كنائسه القديمة.
ولما تملك المسلمون، بعد حُطين هذا الجبل، هدّموا حصونه وعفوا أثرها.
وعلى أثر هدم حصن «كوكب الهوا» نزل الملك العادل أبو بكر «محمد ابن أيوب بن شادي» أخو صلاح الدين الأيوبي جبل طابور فى عام 609هـ: 1212م وأمر بتحصينه: (وأحضر «الملك العادل» الصناع من كل بلد، واستعمل جميع أمراء العسكر في البناء ونقل الحجارة، فكان في البناء خمسمائة بنّاء، سوى الفعلة والنحاتين. وما زال مقيماً حتى كملت).
وفي مفرج الكروب 3: 202: أن الملك العادل أمر ولده المعظم عيسى ببناء الحصن المذكور.
وفي 614هـ: 1217م هاجم الفرنج قلعة طابور وجدوا في قتال أهلها حتى تمكنوا من أسوارها واشرفوا على أخذها، وبعد أن اقاموا عليها سبعة عشر يوماً اضطروا للإنصراف عنها إلى عكا بعد مقتل بعض ملوكهم.
واستشهد في هذه المعركة. بعد أن ابلى بلاءً حسناً الأمير الكبير محمد ابن ابي القاسم بن محمد أبو عبد الله الهكاري، الأمير بدر الدين. كان رحمه الله من المجاهدين وله المواقف المشهورة في قتال الفرنج، وكان من أكابر أمراء الملك المعظم عيسى وكان يستشيره ويصدر عن رأيه ويثق به لصلاحه ودينه وكان سمحاً جوادا. نقل جثمانه إلى القدس ودفن فيها.
وفي عام 615هـ نزل الفرنج دمياط مما اضطر الملك العادل أن يبعث بالعساكر التي كانت معه في نواحي دمشق إلى مصر ورأى رحمه الله أن يهدم قلعة الطور ليتوفّر من فيه من المسلمين والعُدد لمقاتلة الفرنج في دمياط. فقام ولده المعظم، على مضض بهدمها وبعث بجنودها وعُددها إلى مصر.
وقد ذكر صاحب معجم البلدان 2: 519، المتوفى سنة 626هـ: 1229م جبل الطور بقوله: (دير الطور: الطور في الأصل: الجبل المشرف، وأما الطور المذكور هنا فهو جبل مستدير واسع الأسفل، مستدير الرأس لا يتعلق به شيء من الجبال وليس له الا طريق واحد، وهو ما بين طبرية واللجون، مشرف على الغور ومرج اللجون، وفيه عين تنبع بماء غزير كثير. والدير في نفس القبلة، بني بالحجر وحوله كروم يعتصرونها، فالشراب عندهم كثير، ويعرف أيضاً بدير التجلي، لأن المسيح عليه السلام، على زعمهم تجلى فيه لتلامذته، بعد أن رفع حتى اراهم نفسه وعرفوه، والناس يقصدونه من كل موقع فيقيمون به ويشربون فيه، وموضعه حسن يشرف على طبرية والبحيرة وما والاها وعلى اللجون وفيه يقول مُهلهل بن عُريف المزرع:
نهضت إلى الطور في فتية***سراع النهوض إلى ما أُحب
كرام الجدود حسان الوجوه***كهول العقول شباب اللعب
فأي زمان بهم لم يُسر***وأيُّ مكان بهم لم يطب
أنخت الركاب على ديره***وقضيت من حقه ما يجب)
وتحت كلمة طور قال ياقوت، 4: 47: «طور: بالضم ثم السكون. وآخره راء. والطور في كلام العرب: الجبل، وقال بعض أهل اللغة: لا يسمى طوراً حتى يكون ذا شجر ولا يقال للأجرد طور..
والطور جبل بعينه مطل على طبرية الأردن بينهما أربعة فراسخ على رأسه بيعة واسعة محكمة البناء موثقة الأرجاء يجتمع في كل عام بحضرتها سوق».
وفي 661هـ. نزل «الطور» الظاهر بيبرس في غاراته المتعددة على الفرنج المحتلين تلك الجهات. ويظهر أن منشآت جبل الطور دُمرت أثناء المعارك والحملات التي كان يشنها المسلمون على الأوروبيين قبل رحيلهم عن فلسطين.
وقد بقي «جبل الطور» نحو أربعة قرون مهجوراً إلى أن سمح فخر الدين المعني الثاني لجماعة من المسيحيين الإقامة فيه على أثر رجاء تقدم به اليه قنصل «توسقانيا» المقيم في صيدا.
وفي أواخر القرن الثامن عشر زار الرحالة «فولنيو «جبل الطور» وكتب عنه ما يلي: (وجبل الطور أو طابور الذي يبعد فرسخين عن الناصرة، له شكل مخروط مبتور الرأس. وكان عليه قالع لم يبق منها الا واحدة خربة ومن أعلاه يمتد البصر إلى جبال وأودية تتتابع جنوباً حتى بيت المقدس. ويُخيل إلى الناظر من عليه أن وادي الأردن وبحيرة طبرية، التي حوضها مكون من فوّهة بركان، يقعان عند سفحه).
وفي صيف عام 1812م زار هذا الجبل الرحالة «بيركهارت» ومما قاله عنه: (ان شكل جبل طابور يشبه مخروطاً مقطوع الرأس. وجوانبه مغطاة إلى أعلاه بحرش من أشجار السنديان والفستق البري، ويبلغ محيط قمته حوالي نصف ساعة والجبل بكامله كلسي وقد وجدنا في أعلاه عائلة مسيحية واحدة وأفرادها لاجئون من ازرع وهي قرية في حوران حيث عرفتهم أثناء وجودي هناك في شهر تشرين ثاني من عام 1810م. وقد نزحوا إلى هذه البقعة النائية لكي يتفادوا دفع ضرائب للحكومة آملين ان يبقوا هنا بعيدين عن الأخطار. وقد استأجروا السطح العلوي بدل خمسين غرشاً في السنة من شيخ قرية دبورية التي تمتلك هذا الجبل. والمحصول الذي أخذوا الآن في جمعه يساوي حوالي 1200 غرش، وكان من حسن حظهم أنه لم يزعجهم أحد من جباة الضرائب.
توجد على قمة جبل طابور بقايا حصن كبير. ويمكن تتبع آثار سور سميك مبني بحجارة كبيرة حول القمة تماماً، على مقبرة من حافة الجرف وعلى عدة أقسام من هذا السور بقايا أجزاء ناتئة في الحصن على شكل معاقل. وفي الجانب الغربي تظهر بوابة عالية مقوسة تدعى باب الهوا ويبدوا أنها كانت المدخل الرئيسي. والمنطقة مغطاة بخرائب مساكن خاصة، مبنية من الحجارة على نحو متين للغاية. ولا توجد اية ينابيع الا ان هناك عدداً كبيراً من خزانات المياه مقطوعة في الصخر اثنان منها لا يزالان صالحين لتوفير المياه. يعتبر جبل طابور مكاناً مقدساً، وذلك تكريماً لتجلي المسيح عليه. الا ان البقعة التي حدث فيها هذا التجلي غير معروفة. واللاتين والروم الارثوذوكس يختلفون حول هذا الموضوع. فاللاتين يحتفلون بهذه المناسبة المقدسة في كهف صغير حيث أنشأوا كنيسة صغيرة هناك. وعلى بعد خمس دقائق منها للماشي بنى الروم الأورثوذوكس سوراً مستديراً منخفضاً مع مذبح أمامه لنفس الغاية...
وفي معظم فصل الصيف يكون جبل طابور مغطى في الصباح بضباب كثيف يتفرق عند منتصف النهار، وخلال النهار بكامله تهب رياح شديدة ويتساقط الندى بغزارة لم أشاهد مثلها في اي مكان آخر في سوريا. وفي أقسام الجبل الحرجية توجد خنازير برية ونمور ثلجية بيضاء، وقد بت ليلتي في بيت صديقي القادم من ازرع الذي اتخذ له مأوى في أحد المساكن المتهدمة).
وقد وصف جورج بوست مناظر جبل طابور في صفحة 278 من مؤلفه قاموس الكتاب المقدس ج1 المطبوع عام 1894م بقوله: (ان جبل تابور أحد الجبال الرائعة المنظر بين جبال فلسطين لأنه مرتفع عن السهل على هيئة ثدوية وهو منفرد عن بقية جبال الجيل وعلوه 1375 قدماً فوق السهل... والطريق إلى قمته عسرة غير ان الخيل تصل الي رأسه في نحو ساعة من الزمان. وقد أصبح وجهه الجنوبي مقفراً وأما بقية جوانبه فمكسوة بشجر السنديان والبطم والجوز وغيرها. وتربته مخصبة توافق المرعى ويصطادون من بين أشجاره الحجال والأرانب والثعالب وغيرها من الحيوانات والطيور حتى وبعض الضواري كالذئب والنمر. وقمة الجبل أقل من ربع ميل طولاً وثمنه عرضاً وعليها ديران مستحدثان أحدهما للروم والآخر للاتين وعليها أيضاً خرب أبراج وحصون وأقبية وصهاريج وغيرها من الأبنية اليهودية واليونانية والرومانية والشرقية والغربية والعثمانية. أما المنظر من رأس تابور فهو أجمل مناظر فلسطين الوسطى فيظهر منه إلى الشمال والشرق جبل الشيخ وبحر الجليل وجبال حوران وجلعاد والى الجنوب والغرب مرج بن عامر وجلبوع والكرمل والبحر المتوسط).
***
وفي عام 1911م بنيت على قمة جبل الطور كنيسة للروم الأورثوذوكس وفي عام 1921 ـ 1923م أُقيمت عليه كنيسة فخمة للاتين. وفي عام 1931م بنيت في شماله مدرسة خضوري الزراعية اليهودية.
وفي الوقائع الفلسطينية، ص1507 إن جبل الطور يحتوي على «أنقاض حصن ودير وأبنية أخرى وكنائس وبركة».
وتقع في سفح جبل الطور الجنوبي «خربة أم الغنم» تعلو 300 متر عن سطح البحر. ولجبل الطور وأُم الغنم أراض مساحتها 8409 دونمات منها 260 للطرق والوديان; ولا يملك اليهود فيها أي شيء، وقد غرس الزيتون في 80 دونماً.
كان في «خربة أم الغنم» في عام 1922م 52 نسمة. وفي عام 1931م ضم سكانها إلى سكان قرية «الرينة». ذكر الأعداء أنه كان في هذه الخربة في 8 ـ 11 ـ 1948م 147 نفراً.
تحتوي الخربة المذكورة على «أعمدة وحجارة بناء متساقطة، مُغر، تل أنقاض في السهل».
عرف الفرنجة أم الغنم باسم Mangana.